الثلاثاء، 14 سبتمبر 2010

ناحية مندلي / قضاء بلدروز / محافظة ديالى


























زار وفد من المركز ناحية مندلي التابعة لقضاء بدرة محافظة ديالى واستمرت لثلاثة ايام ويتقدم المركز بالشكر والتقدير للشيخ ابراهيم الحميري لدعمه الكبير لوفد المركز وتوفير كافة المستلزمات الزيارة
مندلي

تقع مندلي على بعد 160 كم شمال شرق مدينة بغداد و93 كم  عن بعقوبة يحدها من الشمال قضاء(خانقين والمقدادية) ومن الجنوب قضاء بدرة التابعة لمحافظة واسط ومن الشرق ايران  وتبعد 4كم ومن الغرب قضاء بعقوبة والمقدادية
 مندلي من مدن العراق التي ورد ذكرها مراراً في كتب التاريخ التي رجحت تاريخها الى اكثر من ستة الاف سنة قبل الميلاد . قدم هذه المدينة اكدتها الحفريات التي قامت بها بعثة الاثار البريطانية عام 1966 بوجود قنطرة تعود الى ستة الاف وخمسمائة سنة قبل الميلاد مما تشير الى وجود مدينة عامرة وبيوت وحياة متحضرة ومندلي تأخذ مياهها من مصدرين، الأول هو "وادي حران" القادم من الحدود الأيرانية، وهذا له مشاكله الكبيرة التي تمتد جذورها الى زمن الدولة العثمانية، لأنه يخضع لبارومتر العلاقات السياسية بين العراق وايران، والمصدر الثاني، هو قناة مندلي الاروائية التي تأخذ المياه من صدر نهر ديالى بقناة طولها 54 كيلومترا، وهو مشروع اروائي يسمى "مشروع ري مندلي" صمم لمعالجة مشاكل المياه مع ايران، لكن التجاوزات على هذا المشروع أفرغته من أهميته. هذان السببان أديا الى تقليص عدد سكان المدينة من "34" الف نسمة في مركز مندلي فقط قبل الحرب مع أيران، الى أربعة الاف وثلاثمائة وتسعين نسمة قبل سقوط النظام الدكتاتوري. بعض السكان يضيفون أسباباً أخرى أهمها اهمال السلطات السابقة للمدينة، ووضعها ضمن موازنات الحرب مع ايران وأبعادها النفسية والإعلامية، فبدلاً من أن يعزز النظام السابق الوضع النفسي لأهالي مندلي دمره بقرار تنزيل مرتبة مندلي الادارية من قضاء عام 1987 الى ناحية وقد ترتب على هذا القرار تحويل الدوائر الرسمية إلى بلدروز .
يوجد في مندلي اكثر من مليون وربع المليون نخلة تعطي اجود انواع التمور التي يصل عدد انواعها في بساتينها الى اكثر من (170) نوعا" رغم الظروف القاسية ولكن اغلب هذه البساتين دمرتها الحرب وتحولت الى حقول لزراعة الحنطة والشعير
تشتهر مندلي بعدد من المراقد الدينية والمواقع الاثارية، منهامنطقة شيخ محمد" نسبة إلى محمد بن أبي بكر الصديق "رض" لأنه عسكر فيها، أما أشهر المراقد فهو مرقد الإمام "كرز الدين" وهو سيد أحمد بن أسحق بن هاشم بن جعفر الطيار (رض) الملقب بأحمر العينين، أما أسم "كرز الدين" فالبعض يقول أنه اسم مستعار للتستر في وقت ملاحقة العلويين. وهناك أيضاً مرقد حاج يوسف ويقال أنه من أحفاد الإمام الحسن بن علي (ع) والبعض يعتقد انه من حاملي البريد أثناء الفتوحات الإسلامية في الشرق. وفي قلب مندلي ينتصب مرقد سيد أحمد بن الإمام زين العابدين (ع) ويسمى من قبل العامة "بابا حافظ" لأنه اشتهر بتحفيظه القرآن للأطفال. كذلك مرقد نبي الله بنيامين الملقب بالنبي ( طهران ) وقد دمر هذا المرقد من قبل عصابات القاعدة الاجرامية من خلال تفجيره بالعبوات الناسفة .
كانت مندلي مسرحا للعمليات العسكرية نتيجة قربها من الحدود الايرانية فشهدت اعنف المعارك واشدها ضراوة وكانت عرضة للقصف كل يوم بمختلف انواع الاسلحة واتخذ من قراها ومدنها مقرات للجيش ومواقع للمدفعية والدبابات فتحولت البساتين الى مقرات عسكرية والاراضي الزراعية الى خنادق وملاجيء ومواضع عسكرية تحيط بها السواتر الترابية ولكون قاطع مندلي في زمن الحرب العراقية الايرانية من اشد القواطع سخونة ولعدم وجود الارض الحرام لكون اغلب المواقع الدفاعية يبعد بمسافات قريبة تصل الى 100 متر فلقد زرعت بمختلف انواع الالغام وباعداد غفيرة مع دفاعات ميدان متنوعة كالاسيجة المنفاخية وكانت اغلب المخافر الحدودية في مندلي ضمن خط المواجهة الاول او مسيطر عليها من قبل القوات الايرانية ومن مخافرها مخفر حران ومخفر ابو عبيدة الجراح ومخفر صلاح الدين ومخفر الصمود ومخفر جاويد شاه وقد  كان لطبيعة جغرافيا المنطقة الاثر الكبير لزرعها بالالغام واغلب الالغام هي من نوع فالمارا يعمل بسلك العثرة واللغم المنثاري الروسي POMZ2 واللغم الايطالي VS50  واللغم الصيني CN وجميع هذه الالغام ضد الاشخاص كذلك زرعت الغام ضد الدبابات منها اللغم الروسي TM46 واللغم الايطالي VS2.2 اضيف اليها حاويات النابالم الحارقة والتي تعمل بمشعلة السحب وبعد نهاية الحرب عام 1988 شهدت المدينة عودة العوائل النازحة لتمارس اعمال الزراعة والرعي لكون
مندلي تعتبر من اجود مناطق الرعي ولكون المراعي الطبيعية فيها تحتوي على اكثر من 18 نوع من الاعشاب الطبيعية وعلى مدار السنة في عام  1991 عمدت السلطات الحاكمة الى السماح للمدنيين بالدخول الى مناطق حقول الالغام لجلب اكبر كمية من الالغام وتسليمها الى الجهات العسكرية لقاء مبالغ زهيدة وفي عام 1995 استقرت مجموعة من ما يسمى بفدائي صدام بناحية مندلي في حي اشبيلية وطلبت من المدنيين البحث عن الذخائر غير المنفجرة والغام ضد الاشخاص المصممة للاعاقة لغرض تسليمها الى تلك المجاميع لقاء مبالغ نقدية وبالفعل قامت مجاميع من المدنيين بالتجوال في مناطق حقول الالغام وخنادق القتال ومواضع الدبابات بحثا عن الذخائر والالغام وتم تسليم اعداد كبيرة لكن دون مبالغ نقدية في عام 1997 عادت نفس المجموعة لنفس الغرض وتم جمع اعداد من القذائف والصواريخ والالغام وقد تم دفع المبالغ للمدنيين ان هذه التصرفات الغير مسؤولة تركت الانطباع لدى المدنيين بعدم الخوف من الالغام والتجوال في المناطق الخطرة حيث ادى ذلك الى سرقة كل محتويات اسيجة حقول الالغام من اوتاد حديد زاوية قصيرة وطويلة واسلاك شائكة منفردة ومحتويات الاسيجة المنفاخية لتختفي كل معالم حقول الالغام يضاف الى ذلك قيام البعض بدفع مبالغ نقدية الى بعض السكان المحليين لغرض البحث عن رفاة الجنود المدفونين في مناطق القتال حيث دفع بالكثير الى الذهاب الى مناطق المعركة والحفر بحثا عن الرفاة مما ادى الى سقوط العديد من الضحايا بسب عدم الاهتمام بحياة المواطن وتوفير فرص العمل او المعونة الاقتصادية للعوائل في المناطق الخطرة وعدم تعويضها عن خسائرها من الممتلكات الشخصية في زمن الحرب 
تعتبر المنطقة الملوثة بالالغام من اجود مناطق الرعي وتبلغ مساحتها بحدود 10,000 دونم ونتيجة عدم وجود الاشارات الدالة على الالغام والاسيجة فلقد حدثت العديد من الاصابات نتيجة انفجار الالغام على الرعاة والمواشي وبالنظر لوجود قناطر تصريف مياه الامطار القادمة من سلسلة جبال حمرين والتي تجرف معها كل انواع الالغام لتنتشر في السهل المنبسط الذي يستغلة المزارعون لاغراض الزراعة والرعي وجد العديد من الرعاة والفلاحين انفسهم ضحايا لتلك الالغام التي تنفجر وتصيبهم واولادهم بالعوق او الموت
لقد قامت شعبة زراعة مندلي بتخصيص 40 دونم كمحمية طبيعية للغزلان لكن وجود قنوات التصريف الخاصة بمياه الامطار والممتدة على طول الطريق العسكري تؤدي الى جلب الالغام في فصل الشتاء عند سقوط الامطار التي تكون السيول المنحدرة من قمم جبال حمرين الى الوديان  لتمرعبر قناطر تصريف مياه الامطار الى منطقة المحمية وتجعل من الصعوبة التجوال في المحمية لذلك يتجنب العاملين في المحمية السير في مناطق سريان مياه الامطار
كذلك تم تخصيص 50 دونم لاستخدامه كغابة اشجار لكن الغابة تعاني من نفس المشكلة تدفق الالغام في فصل الشتاء مع سيول الامطار كذلك وجود العديد من الذخائر غير المنفجرة المنتشرة في تلك المناطق الشاسعة وهي تحتاج دائما الى الكشف والتنظيف كذلك توجد مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية الخصبة التي يصعب استغلالها خوفا من الالغام والذخائر غير المنفجرة
قامت وزارة الموارد المائية بتنفيذ مشروع سد مندلي والذي يقع بمسافة 3كم شمال شرقي مندلي ويستخدم لخزن مياه وادي حران في الشتاء والاستفادة منها لاغراض الزراعة والشرب
طول السد 1316متر وبارتفاع 14 متر قامت الشركة المنفذة للمشروع بتنظيف قاعدة السدة الترابية من الالغام ورغم ذلك حدث العديد من الحوادث نتيجة انفجار الالغام على الاليات والمكائن لم تقم الشركة بتنظيف حوض وادي حران الذي يعتبر من المناطق الملوثة بحقول الالغام ان غمر تلك المساحات بالمياه سيؤدي مستقبلا الى مشاكل كبيرة بسب غمر حقول الالغام بالمياه ولكون اغلب الالغام مصنوعة من مواد بلاستيكية سيؤدي ذلك الى نقلها من خلال قنوات التصريف الى المناطق التي سيرويها السد مستقبلا
هناك العديد من عيون الماء والتي يبلغ عددها اكثر من 16 عين للماء موجودة في مناطق حقول الالغام والبعض الاخر مغلق بسب وضع الاسمنت في منطقة عين الماء لغرض غلقها وقد تم غلق اغلبها في وقت الحرب العراقية الايرانية وهذه العيون لو استغلت بصورة صحيحة لاصبحت معلما سياحيا مهما في المدينة بالاضافة الى تزويدها بمياه الري الى الاراضي الزراعية والبساتين  لكن وجود الالغام يمنع من استغلال تلك الثروات الطبيعية

لقد اثرت الالغام الارضية والذخائر غير المنفجرة والسواتر الترابية وخنادق القتال والمواضع العسكرية تاثيرا مباشرا على الحالة الاقتصادية للمواطنين فعدم وجود فرص العمل يضاف لها عدم قدرة المزارعين على تسوية السواتر الترابية وردم المواضع العسكرية لانها تكلف مبالغ طائلة دفعت بالمواطنين الى الدخول الى المناطق الخطرة لغرض جمع المعادن الداخلة في صناعة الذخائر والالغام كالنحاس والبلاستك لغرض بيعها في الاسواق المحلية يضاف الى ذلك عدم تاشير مناطق الالغام وعدم تسيج المناطق الخطرة وعزلها عن المناطق الامنة وصعوبة استغلال الاراضي الزراعية والمراعي الطبيعية وعدم التخلص من الذخائر غير المنفجرة والمنتشرة داخل وحول القرى السكنية وعدم وجود البرامج الخاصة بالتوعية وعدم الاهتمام بعوائل الضحايا  والناجين من انفجار الالغام والذخائر غير المنفجرة سيؤدي الى حدوث اصابات جديدة في صفوف الاطفال والشباب لان اغلب الرعاة من الاطفال والشباب  ان اهمال هذه الشريحة وعدم تمكينها من العيش في مناطق امنة والعوز الاقتصادي سيدفع بالكثيرين الى التجوال في المناطق الخطرة بحثا عن المعادن او اللعب في الاجسام الغريبة لعدم معرفتهم بالخطر الناجم عن وجود تلك المواد
لم تبادر اي منظمة حكومية او غير حكومية محلية او اجنبية بزيارة تلك المنطقة والاطلاع على حجم مشكلة الالغام وتاثيرها على سكنة الناحية
تطالب المواثيق الدولية والوطنية بضرورة التخلص من هذه الاسلحة والمساعدة على التخلص منها واتخاذ الاجراءات التي تحد من خطر تلك الاسلحة على المدنيين والحد من الوفيات والاصابات والمعاناة في تلك المناطق التي تمزقها الالغام والذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحروب والتي لاتزال تشكل تهديدا لحياة المواطنيين والمجتمع في العراق 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق